ارتبط التمر بالحضارة الإنسانية بشكل كبير، فهو يعد واحد من أقدم أنواع الفاكهة القديمة التي اكتشفها واستهلاكها الإنسان منذ آلاف السنين. بالإضافة إلى ذلك فهو واحد من أكثر أنواع الغذاء التي استطاعت أن تصمد على مر الزمان، وتطورت لتصبح رمزاً ذا أهمية غذائية عالية.

وفي الحضارة الإسلامية ارتبط التمر بشهر رمضان المبارك، الذي يعتبر برنامجاً تدريبياً روحياً مثيراً، ينخرط فيه مسلمي العالم في الكثير من الأنشطة والسلوكيات، التي تعمل على تعزيز الانضباط والتأمل الذاتي والارتباط بمعاني إيمان الفرد.

وعلى الرغم من أن المهمة الأساسية في هذا الشهر هي الصيام والتي تتضمن الامتناع عن الطعام والشراب والعلاقات الحميمة من الفجر وحتى غروب الشمس، لكنه مرتبط بالكثير من الطقوس التي تختلف من مكان لآخر.

السلوكيات الغذائية في رمضان

يتضمن الصيام في شهر رمضان المبارك عدم تناول أي مصدر من مصادر الطاقة خلال فترة الصيام، بحيث يصبح جسم الإنسان في نهاية اليوم مرهقاً في بعض الأحيان. ويرتبط هذا النقص في العناصر الغذائية إلى شعورنا بالجوع بخاصة لنقص كمية السكر التي يتم تناولها خلال اليوم، ولهذا السبب نشعر بالافتقاد الطاقة التي نملكها للقيام بالنشاطات المختلفة.

ولكن إذا نظرنا بتمعن للتقاليد الإسلامية في الإفطار، فنجد أنها توصينا دائماً بالبدء بتناول بعض التمرات، وعدم البدء بتناول الوجبة الرئيسية مباشرة.

فهل هذا الأمر استوقفك أو تسألت عنه مسبقاً؟ أو بمعنى آخر هل تسألت يوماً لماذا يوصى بالإفطار على التمر؟ أو لماذا يعتبر التمر من الثمار الأساسية التي تعتمد عليها الأسر المسلمة في معظم أنحاء العالم؟

أهمية الألياف في التمر

منذ فجر الإسلام أوصنا الرسول صل الله عليه وسلم بتناول التمر وعلمنا الكثير من فوائده على الجسم، وكان عليه الصلاة والسلام يشجع الصحابة على الإفطار عليه. بالإضافة إلى ذلك ذُكر التمر والنخيل في القرأن 22 مرة، وهذا دليل آخر على مدى أهميته.

يحتوي التمر على العديد من الفيتامينات والمعادن التي تحافظ على صحة الجسم، كما يوفر السكر الموجود في التمور مصدر سريع للطاقة بعد يوم صيام طويل. وعلى الرغم من أن دخول السكر إلى جسم الإنسان يشكل خطر عليه، من حيث إنه يؤدي إلى رفع مستوى السكر في الدم بشكل كبير وسريع.

لكن ما يميز التمر أنه غني بالألياف، والتي تعمل على إبطاء عملية امتصاص السكريات في الدم فيرتفع السكر في الدم بشكل بطيء. لهذا فهو يعد خيار مثالي لبدء وجبتك بعد صيام يوم طويل.

إلى جانب ذلك يجب أن لا ننسى أهمية الألياف على صحة الجهاز الهضمي بشكل عام، فهي تمنع الإمساك وتحافظ على الميكروبيوم (البكتيريا والفطريات النافعة في الجهاز الهضمي).

كما يحتوي التمر أيضاً على الكثير من مضادات الأكسدة، فيعمل على تعزيز الجهاز المناعي ويحمي الجسم بشكل كبير. لهذا فالتمر يعد بداية صحيحة لوجبة إفطار رمضانية، تساعد على العودة بشكل تدريجي لعادات الأكل الطبيعة للإنسان.

ولا ننسى قول النبي الكريم صل الله عليه وسلم عن التمر عن رواية سعد بن أبي وقاص: (مَن تَصَبَّحَ بسَبْعِ تَمَراتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ ذلكَ اليومَ سُمٌّ، ولا سِحْرٌ) رواه مسلم.